إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
92396 مشاهدة
أخذ الجزية من أهل الكتاب

وأهل الكتابين اليهود والنصارى على اختلاف طوائفهم ومن تبعهم فتدين بأحد الدينين كالسامرة والفرنج والصابئين؛ لعموم قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ .


تؤخذ الجزية من أهل الكتابين ؛ للنص عليه في قوله: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ والذين أوتوا الكتاب يكثر ذكرهم في القرآن؛ قال تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ وقال تعالى: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ في عدة آيات، فأهل الكتاب هم اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل. هؤلاء هم أهل الكتابين تؤخذ منهم الجزية للنص عليهم، وكذلك من الذين اتبعوهم ودانوا بدينهم كالذين دخلوا في دين اليهود مثل السامرة - واحدهم سامري - تبعوهم؛ وإن لم يكونوا أصلا من أهل الكتاب، وكذلك الفرنج. الفرنج تبعوا النصارى وصاروا يدينون بدين النصارى، وكذلك الصابئون أصلهم لا دين لهم ولكنهم دانوا بأحد الدينين اليهودية أو النصرانية فصاروا في حكمهم. هؤلاء تؤخذ منهم الجزية تبعا لليهود والنصارى. نعم.